رضا يلتفت للماضي
حينما كان رضا طالباً في المدرسة الثانوية دخّن أول سيجارة له، كان قد أهداه إياها صديقه عامر في وقتٍ كانا يريدان أن يجربا فيه كل شيء، من قيادة السيارة تهوراً، إلى التدخين خلسةً، إلى القفز من على سور المدرسة هرباً من ملل المدرسة كما قالا.

تذكر رضا هذه التفاصيل وهو جالس على سرير المشفى الذي يرقد فيه منذ أيام بعد أن ألمت به ضائقة صحية تمثلت في كحةٍ شديدة لم تنقطع لأيام، تطورت إلى صعوبة في التنفس وألم حاد في الصدر. كان يعتقد في البداية أنها مجرد نزلة برد قاسية، لكن الأعراض استمرت، بل وازدادت سوءاً.

في تلك الليلة، بينما كان يراقب جدار غرفة المستشفى، تذكر كيف بدأ التدخين كمجرد "تجربة" مع صديقه عامر، ثم تحول إلى عادة يومية. كان يدخن في فترات الاستراحة، ثم بعد المدرسة، ثم في أي وقت يشعر فيه بالضغط أو الملل. حتى بعد أن تخرج من المدرسة ودخل الجامعة، ظل التدخين رفيقه الدائم.

لكن الآن، وهو يستمع إلى صوت الطبيب وهو يشرح نتائج الفحوصات، شعر ببعض الأسى. "سرطان الرئة"، كانت الكلمات تتردد في أذنيه كصدى بعيد. الطبيب كان يتحدث عن المرحلة المتقدمة، عن العلاج الكيميائي، عن احتمالات الشفاء. لكن رضا كان مشغولاً بذاكرة واحدة: تلك السيجارة الأولى التي أشعلها مع عامر، ليتها لم تكن.

في الأيام التالية، بدأ رضا رحلة العلاج. كانت صعبة، مليئة بالألم والتعب، لكنها جعلته يفكر في حياته بشكل مختلف. قرر أن يستغل هذه الفرصة ليغير مسار حياته، ليس فقط من أجل نفسه، بل من أجل أسرته وأصدقائه.

بدأ يشارك قصته مع الآخرين، خاصة الشباب، محذراً إياهم من مخاطر التدخين. كان يقول: "لا تكرروا خطئي، التدخين ليس مجرد عادة، إنه قاتل بطيء". وعلى الرغم من صعوبة رحلته، وجد رضا شيئاً من السلام في مساعدة الآخرين. ربما لم يكن بإمكانه تغيير ماضيه، لكنه كان مصمماً على أن يجعل مستقبله، ومستقبل من حوله، أكثر إشراقاً.

التدخين ضار، عبارة نعرفها و قرأناها مراراً، لكن الكثير لم يعيها، فهو أحد أكثر العادات ضرراً على صحة الإنسان، حيث يؤثر سلباً على جميع أجهزة الجسم ويرتبط بالعديد من الأمراض المزمنة والمميتة. على الرغم من انتشاره هذه الحقائق بشكل واسع، إلا أن كثيراً من المدخنين لم يتخذ قراره بالإقلاع بعد. في هذا المقال، نستعرض أنواع التدخين، مكونات الدخان، العواقب الصحية، وكيفية الإقلاع عنه.

ما هي أنواع التدخين الموجودة؟

1- السجائر

تحتوي على أقل من 1 جرام من التبغ، وهي الأكثر شيوعاً. تعد السبب الرئيسي لأمراض الرئة والسرطان.

2- السيجار

يحتوي على كمية أكبر من التبغ (من 1 إلى 20 جراما)، وغالبا ما يعتقد خطأ أنه أقل ضرراً من السجائر، لكنه يحتوي على نفس المواد السامة.

3- السجائر الإلكترونية

تستخدم لاستنشاق بخار يحتوي على النيكوتين أو مواد كيميائية أخرى. على الرغم من أنها تسوق كبديل “أكثر أماناً”، إلا أنها تحتوي على مواد ضارة وقد تؤدي إلى الإدمان.

4- الشيشة

يعتقد خطأ أنها أقل ضرراً من السجائر، لكنها في الواقع تعادل تدخين أكثر من 100 سيجارة في الجلسة الواحدة. تزيد من خطر الإصابة بسرطان الشفاه والفم، وتنشر العدوى مثل مرض السل.

يحتوي دخان التبغ على أكثر من 4000 مادة كيميائية، منها:

• القطران: مادة سوداء تستخدم في رصف الطرق، تترسب في الرئتين وتسبب السرطان.
  
• النيكوتين: مبيد حشري يسبب الإدمان.
  
• أول أكسيد الكربون: غاز سام يقلل من قدرة الدم على حمل الأكسجين.
• -لبولونيوم 210: مادة مشعة تسبب السرطان.
  
• الزرنيخ: وهو سم الفئران.
  
• الأسيتون: مادة كيميائية تستخدم في مزيل طلاء الأظافر.
  
• الأمونيا: منظف قوي يستخدم في تنظيف المراحيض.
  
  كل هذه المواد تسبب أضراراً جسيمة للجسم، وتكون مضاعفة في حالة تدخين الشيشة.

يسبب التدخين أكثر من 25 مرضاً مختلفاً، ويؤثر على معظم أجهزة الجسم، فما هي العواقب الصحية التي يُصاب بها المدخن؟

1. الجهاز التنفسي

سرطان الرئة (80% من حالات سرطان الرئة مرتبطة بالتدخين).

أمراض الرئة المزمنة مثل الانسداد الرئوي المزمن (COPD).

2. الجهاز القلبي الوعائي

• أمراض القلب والأوعية الدموية.
• ارتفاع ضغط الدم.

3. الفم والأسنان

• تصبغات الأسنان.
• التهاب اللثة.
• سرطان الفم والحنجرة.

4. البشرة

• -شيخوخة مبكرة.
• -ظهور التجاعيد والندبات.

5. الجهاز البولي

• سرطان المثانة.

النيكوتين هو المادة الرئيسية المسببة للإدمان في التبغ. عند استهلاكه، يصل إلى الدماغ بسرعة ويحفز إفراز الدوبامين، مما يخلق شعوراً مؤقتاً بالراحة والاسترخاء. مع مرور الوقت، يعتاد الدماغ على هذا التأثير، ما يجعل الإقلاع عن التدخين صعباً.

مع زيادة الوعي بخصوص مخاطر التدخين، بدأت محاولات الكثير من المدخنين في الإقلاع عنه وترك هذه العادة السيئة التي تسبب أمراض جمة. لكن هذه الخطوة ليست بالخطوة السهلة غير أنها ليست بالمستحيلة، وتوجد عدة طرق للإقلاع لنتعرف عليها.

ما هي طرق الإقلاع عن التدخين؟

1- المساعدة الذاتية

• استخدام برامج الكمبيوتر أو الإنترنت.
• المشاركة في برامج مجتمعية.
  

2- الاستشارة

• الحصول على دعم من متخصصين.
• تعلم مهارات حل المشكلات.
  

3- العلاج ببدائل النيكوتين (NRT)

• استخدام علكة النيكوتين، اللصقات، أو أقراص الاستحلاب.
  

4- الأدوية

• بعض الأدوية الموصوفة تساعد في تقليل الرغبة في التدخين.
  

5- الدعم الاجتماعي

• مشاركة الأصدقاء والعائلة فى رحلة الإقلاع.

للإقلاع عن التدخين فوائد كثيرة تبدأ من الدقائق الأولى من ترك هذه العادة السيئة، ولا تنتهي حتى بعد مرور أشهر نظراً للتحسن الكبير الذي يطرأ على الأنسجة التي كانت تتضرر بسبب الدخان ومواده الكيميائية السامة. فما فوائد الإقلاع عن التدخين؟

• بعد 20 دقيقة

ينخفض ضغط الدم، وتتحسن الدورة الدموية.

• بعد 12 ساعة

يعود مستوى أول أكسيد الكربون في الدم إلى طبيعته.

• بعد 2-12 أسبوعاً

تتحسن الدورة الدموية بشكل ملحوظ، مما يزيد من النشاط البدني.

• بعد 1-9 أشهر

يقل السعال وضيق التنفس، وتتحسن صحة الجهاز التنفسي.

التدخين ليس مجرد عادة، بل هو إدمان خطير يهدد الصحة والحياة. ومع ذلك، فإن الإقلاع عنه ممكن. كل خطوة نحو الإقلاع عن التدخين هي خطوة نحو حياة أكثر صحة وسعادة. تذكر: لم يفت الأوان أبداً لتبدأ رحلتك نحو التحرر من التدخين.

السؤال:

أني مدخن ونبي نوقف تدخين، لكن نشوف فيه شي صعب. شن هي أفضل الطرق للإقلاع عليه؟

الإجابة:

الإقلاع عن التدخين قد يكون تحدياً، لكنه ممكن مع التخطيط والدعم المناسب. ابدأ بتحديد سبب رغبتك في التوقف مثل أن تحيا بصحة جيدة، فهذا سيساعدك على الالتزام. استخدم بدائل النيكوتين مثل اللصقات أو العلكة، واطلب الدعم من العائلة أو الأصدقاء ليشجعوك على الاستمرار.

حاول تجنب المواقف التي تحفّزك على التدخين، مثل الابتعاد عن الجلوس مع أصدقائك في المقاهي، واستبدل العادات السيئة بأنشطة صحية مثل ممارسة الرياضة. إذا وجدت صعوبة، يمكنك استشارة مختص لمساعدتك في وضع خطة تناسبك. تذكر أن كل محاولة تقرّبك من حياة أكثر صحة، فلا تيأس.